:: بســم الله الرحمــن الرحيــم ::
اشتهر العرب قديما بالأمثال..
ولازلنا نتداول هذه الأمثال حديثا..
ولكل مثل حادثة..
فهيا بنا نبحر لنعرف ..
حوادثها..
أريته النجوم في وسط النهار..
قال النابغة الذيبياني يصف الحرب:
تبدو كواكبه والشمس طالعة * لاالنور نور ولاالإظلامإظلام.
يريد بقوله(تبدو كواكبه والشمس طالعة(
من شدة الهول والكرب كما تقولالعامة:أريته النجوم وسط النهار
قال الفرزدق : أريك نجم الليل والشمس حية..
وقال طرفة بن العبد : وتريك النجم يجري في الظهر
ويقولجرير: والشمس طالعة ليست بكاسفة * تبكي عليك نجوم الليل والقمرا..
يقول: إن الشمس طالعة وليست بكاسفة نجوم الليل لشدة الغم والكرب الذي فيه الناس..
أسد علي وفي الحروب نعامة..
قال هذا المثل الشاعر عمران بن حطان.
ذكر صاحب الأغاني أن غزالة الحرورية_من الخوارج_لمادخلت على الحجاج
هي وشبيب بن شبة بالكوفة .. تحصن منها وأغلق قصره عليه..
فكتب إليه عمران بن حطان ،، وقد كان الحجاج لج في طلبه:
أسد علي في الحروب نعامة * فتخاء(1)تنفر من صفير الصافر
هلا برزت إلى غزالة في الوغى *بل كان قلبك في جناحي طائر
صدعت غزالة قلبه بفوارس * تركت مدابره كأمس الدابر
(1)الفتخاء: اللينةالجبانة
بلغ السيل الزبى..
هي جمع زيبةوهي حفرة تخفر للأسد إذا أرادوا صيده..
وأصلها الرابية لايعلوها الماء فإذابلغها السيل كان جارفا مجحفا
يضرب لما جاوز الحد..
حدث سعيد بن سماك بن حرب عن أبيه عن ابن المعتمر قال:
أتي معاذ بن جبل بثلاثة نفر قتلهم أسد فيزبية..
فلم يدري كيف يفتيهم.. فسأل عليا وهو محتب بفناءالكعبة..
فقال قصوا علي خبركم .. قالوا:صدنا أسدا في زبية فاجتمعناعليه..
فتدافع الناس عليه.. فرموا برجل فيها فتعلق الرجل بآخر..
وتعلق الآخر بآخر.. فهووا فيها ثلاثتهم..
فقضى علي أن للأول ربع الدية.. وللثاني نصف الدية.. وللثالث الدية كلها..
فأخبر النبي صلى الله عليهواله وسلم بقضائه فيهم ..
فقال :لقد أرشدك الله للحق..
:: أمثال العرب ::
للأمثال أهميةأدبية خاصة ؛ فهي صورة لوجدان المجتمع ، ومقياس دقيق لواقع حياة الشعوب ..
وتكتسب بعدا دلاليا خاصا لا يضاهيه في دقته نتاج أدبي آخر ؛ لأن الشعر قديصور الواقع أحيانا وقد ينجح به قائله إلى المبالغة ، أو يهوم في أجواء الخيال ..
والخطابة يدخلها التعمل ، وقد تفرض بعض ما تحويه من أفكار دوافع خارجة عن نفس الأديب ومشاعره ورؤاه ، وكذلك الكتابة ..
أما الأمثال فإنها تكون نتاج التلقائية والصراحة ، وهي تسجيل أمين للحظة التأمل التي يرصد الإنسان فيها ما حوله ، ويتأملهبروح ناقـده ، ويستخلص ما يوحي به من دلالة ، وما فيه من عبرة ..
وإكتسبت الأمثال اهميتها ؛ لإمتزاجها بعاطفة الإنسان ومعاناتة ، وتمثيلها لوثبات عقله الراصد
وومضات فكره المستثار ، كما تكتسب بعدا فنيا له مكانته وأهميته وهوصيغتها اللغوية المتميزة التي كفلت لها الذيوع والسيرورة ، وجعلت الناطقين باللغةيحرصون على إيرادها في كلامهم ، ويستأنسون بما تنطوي علية من فكرة دالة ، أو رؤيةمستبصرة ، وتتناقلها من ثم الأجيال ..
ولا تختص الأمثال بأمه دون أمه ، بل هيإرث إنساني ، وخاصية إنسانية عامة ولعل في ذلك عبرة يستفيدها أولو البصيرة ، إذ تعدالأمثال إرثاً حكيماً ، وتراثاً حافلاً بالخبرة والتجربة ..
:: ألوان الأمثال ::
أمثال قديمة: وهي تلك التي أُثرت عن العرب في العصر الجاهلي وعصور الإسلام حتى العصر العباسي..
أمثال مُولدة: وهي التي جمعت بعد ذلك ودخلت فيها أمثال من تراث الأمم الأخرى كالفرس والروم وغيرهم ممن امتزجوا بالعرب بعد الفتح الإسلامي , وانصهروا في بوتقة الحضارة الإسلامية ولغة العرب ..
أمثال القرآن الكريم وأمثالالحديث النبوي الشريف: هذه الألوان حظيت بإهتمام العلماء والباحثين قديما وحديثافجمعوها وشرحوها وأشهر تلك المؤلفات : الأمثال لِـ أبي عبيد الهروي ..
يلحظ في الأمثال عند سوقها والإئتناس بها جانب العبرة المستفاده ..
وها الجانب أحدالأسباب التي يهمنا أن نستعرض الأمثال العربية الموروثة على ضوئه هنا ..
المغزى الأدبي للأمثال بحسبانها مصوغة بعبارة لهاتميز أدائي معبر ..
:: القيمة الأدبية للأمثال ::
لا شك أن جانباً كبيراً منأمثالنا العربية الموروثة تعد قطعاً أدبية بديعة ؛ إذ تحفل –على إيجازها- بكثير من السماتالأسلوبية المعبرة ، ولكن بعض الأمثال الذائعة على الألسنة قد تفقد جانباً من بريقها التعبيري بكثرة الدوران على الألسنة والتوارد على الأسماع ، بيد أن هناك أمثالا عديده مما تضمنه مجاميع الأمثال ولم تشتهر شهرة الذائع المطروق لها سحرهاوجاذبيتها ، وعلى الأخص عندما نتفرسها للمرة الأولى ..
وتتنوع براعة أسلوب المثل؛ إذ يعبر في بعض الأحيان بـ ..
* الصورة الفنية الدالة (التصوير)
* تجسيمالمعاني
* بالرمز
* وبالعبارة الساخرة
:: القيمة الفكرية للأمثال ::
وهو جانب لا يقل أهمية عن الجانب السالف الذكر ..
فالأمثال تعد معيناًثراً للفكر النابه ؛ إذ تحفل بخلاصة تجارب العقلاء ، وتأملات الحكماء ، يطالعهاالمتأمل فيجد فيها متاعا لعقله ، وزادا لخبرته ومعارفه بحقائق الحياة وطبائع البشر،وهي حقائق باقية على مر العصور ؛ لأنها تخلص ظواهر إنسانية مرتبطة بتكوين الإنسانوميوله ونزعاته ، وترصد دخائل النفوس وبواعث السلوك التي تتنوع بتنوع بني البشر فيمكوناتهم النفسية ، وما ينطوي عليه كل منهم من ميل للخير والفضيلة ’ أو نزوع للشروالرذيلة ..!
ومن سمات هذا العطاء الفكري للأمثال أنه عطاء لايضمه نسق عقلي يمنتظم ..بل يأتي في صورة ومضات فكرية متناثرة ..
ولهذا نجد أنهم أن الذين لجئوا في تبويب الأمثال تبعاً لموضوعاتها قد وقعوا في خلط شديد ..
ولم يتسنى لهمأن يحصروها ..
ومن ثم بقي تبويبها على نسق تبويبها على نسق حروف المعجم هو أنسب الوسائل لحصرها والوقوف على معانيها ..
ويهمنا هنا أن نبحث في القيمة الفكرية ونكتفي بقيمتين جوهريتين:
أولاهما : الأمثال وخبرة الحياة ..
والأخرى : الأمثال وحسن الإستفاده من المواقف ..
نص المثل:
(أَغيْرَةً وَ جُبْنا ..؟! )
معناه:
أي تكون منك غيرة وأنت جبان
يضرب لـ:
من يجمع بين خصلتين مذمومتين من قائلالمثل
قصته:
أن إمرأه من العرب قالته تعيِّر به زوجها , وكان قد تخلفعن الخروج مع القوم لغزو العدو ولبث في منزله , فرأى إمرأته تنظر إلى الفرسان منفرجة البيت فضربها , فقالت له تلك العباره . وكأنها تنكر عليه أن يمارس فعل الغيرةعلى بيته وحريمه وهو جبان متخلف عن لقاء الأعداء وحماية الحرمات.
( لا صار صاحبك عسل لا تلحسه كله )
أي لا صار رفيقك زين معك وطيب لا تكثر عليه الطلبات والمهام
( ما يحك جلدك إلا ظفرك )
أي لا ينفعك إلا القريب منك
( الذيب ما يهرول عبث )
يضرب للشخص الذي يقدم خدمات من أجل الحصول على هدف خاص أو شيء في نفسه يريد تحقيقه في النهاية
( العين ما تعلى على الحاجب )
يضرب لتقدير الطرف الآخر والرفع من مستواه
( خلك بعشك ولاأحد ينشك )
أي من كفى الناس شره اتقى شرهم
( النار ما تحرق إلا رجل واطيها )
يضرب كمثل لمن يتعمدالوقوع في الأخطاء والمشاكل فتحرقه نارها
( عيال قريّه وكلن يعرف خيّه )
يضرب كمثل للدلالة على معرفة كلا الطرفين للآخر
( يا ما تحت السواهي دواهي )
يضرب للمتمسكن الذي يظهر على شكل مغاير لحقيقته
( الكلمة اللي تستحي منها بدّها)
يضرب مثل للمكاشفة والمصارحة التي من شأنها تصفيةالنفوس وكشف ما تخفيه الضمائر
( أوسعتهم سبا وساروابالإبل )
قصته ان رجلا خرج يرعى ابل قومه فعرض له لصوص فاستاقواابله
فرجع إلى قومه وأخبرهم الخبر..
فقالوا له:أولم تفعلشيئا..؟!
قال : بلى
قالوا: ماذا فعلت..
قال: أوسعتهم سباوساروا بالإبل
- وين اذنك يا جحا ؟
يقال هذا المثل للشخص الذي يريدأن يسلك طريقاً بعيداً بالرغم من وجود طريق أسهل يوصل إلى نفس الهدف فهو أشبه بجحاالذي سأل عن أذنه فأشار بيده اليمين من فوق رأسه على أذنه اليسار البعيدة متخطي اًالأذن اليمين القريبة ..
- حاسدين الفقير على موتة اليمعه (الجمعة)
هذا مثل ينفر من الحسد وخاصة حسد الفقراء الذين لا يملكونشيئاً من متاع الدنيا ولذلك يحسدهم الناس حتى على الموت في يوم الجمعة اعتقاداًبعظم الأجر لمن يموت في هذا اليوم المبارك عند المسلمين..
- العلم في الصغر مثل نقش في الحجر ، والعلم في الكبر مثل نقش في المدر
وهذا مثل يحث على طلب العلم في الصغر ويشبه العلم في الصغر بالنحتفي الصخر ولذلك يبقى ولا يختفي أما العلم في الكبر فهو أشبه بالكتابة على المدر وهوصفح الماء (المكان الذي تدور فيه المياه)..