فموضوع الحجامة بعد أن استقصيته عبر الكتب والإنترنت ومن أحاديث الرسول عليه السلام لم أجد فيه أمر طبيّ قد شوه وزيد ودس عليه كما فعل مع الحجامة, إن كان ذلك في موعدها أو وقتها أو حتى في مواضعها.
إن الحجامة هي سنة دوائية مؤكدة بالقول و الفعل عن الرسول عليه السلام ولا مجال للتشدق أو إنكارها , فهي علاج ووقاية ولكنها ليست كما يتصور أو يروج لها البعض من أنها الدواء الساحر الشافي من كل شئ ونحن في هذا المقام نقول بأن الحجامة قد تكون بحد ذاتها شافية ولكنها في أغلب الأحيان مساعدة ومكملة لعمل الأدوية والعلاجات الأخرى . ولقد اعترض بعض العلماء ، ومنهم ابن خلدون وتبعه بعض الكتاب المعاصرين بأن أقوال الرسول صلى الله عليه وسلم في الطب هي من باب المشورة لا من باب التشريع. واستدلوا بقوله صلى الله عليه وسلم
أنتم أعلم بأمر دنياكم) (28)، وجعلوا الطب من الصناعات التجريبية, وأنه من الأمور التي ليس للتشريع فيها مجال، وهذا واضح البطلان ، لأن ما ورد في القرآن والسنة الصحيحة هو تشريع لا شك إذا ما ثبت أن لا دواء إلا به ، ولا حجة للمكابر في ذلك ، إلا ما كان من القصص أو الأخبار التي سيقت للموعظة والاعتبار ولكنها مع ذلك لا تخلو من حكم وأهداف أخرى.
وأول اطلاع لي على الحجامة النبوية كانت أثناء دراستي للطب البديل حيث طلب مني مدرسها إعداد بحث مفصل عن الحجامة في الإسلام وأكثر ما أثار حفيظته , و أبكاه بعد ذلك هو تحديد المصطفى عليه السلام لميقاتها وقال لي بالحرف (من علم محمد سرا قديما من أسرار أباطرة الصين).
فتاريخ الحجامة مولغ في القدم لأكثر من خمسة قرون مارسها أهل الشرق وأهل الغرب وكانت تنتقل من جيل إلى آخر . حتى جاء الإسلام فحدد لها المصطفى عليه السلام ميقاتا زمنيا حسب حركة القمر من نشوءه إلى أفوله وجاء العلم الحديث ليثبت عبر التحاليل صدق معجزته عليه السلام وليقول كلمة حق في سنة أماتها الناس بعد أن ضعف الوازع الديني عندهم وبعد أن أدخل عليها الكثير من الدجل والشعوذة .
فالحجامة هي أمر مندوب إليه في الإسلام ومواضعها على الجسد هو أمر غير تعبدي أي أن ما ورد عن الرسول عليه الصلاة والسلام يؤخذ به وبغيره من المواضع وان كان ما أخبر به عليه السلام هو أفضلها.
قد نجد من العامة , الأطباء أو المثقفين من يشكك في جدواها , وبعلم أو بغير علم ينفرون الناس منها وحتى بعد أن يروا فائدتها يردون ذلك إلى العامل النفسي وقد يساعدهم في دعواهم تنطع الجهال والمتكسبين ممن يدعي أنه ( حجّام ) فلعلهم قد نظروها في كتاب أو شاهدوها على التلفاز….فيسيئوا بجهلهم للكثير من الناس حين يصيبوا في حالة ويخطئوا في عشرة , لهذا نشدد على حقيقة واضحة هو أن أتركوا الاختصاص لأهله وليتقي الله من يحجم الناس بغير علم .
بما إن العلم في حركة متقدمة تقدمت الحجامة بأدواتها ومواضعها وطرق تشخيصها وأصبح الحاسب يلعب دورا أساسيا فيها , ولم يعد هذا العلم حكرا على أهل الغرب وحدهم فهذه بشارات ظهرت في ماليزيا وإيران وسوريا بدراسات جادة وواعده ومؤصّلة ترقى إلى درجة العالمية في موضوع الحجامة.
هذا الكتيب هو عصارة جهد وبحث في كثير من الكتب والصحف والمراجع ومواقع الإنترنت إضافة إلى نصح ورسائل كثير من الإخوة في الدول العربية والإسلامية وتشجيع أهل الفضل في هذا البلد العامر بأهله وخبرة امتدت لسبع سنوات نقدمها بين يدي القارئ ,وهي الطريقة السليمة الحديثة لإجراء الحجامة .