النبات وغذاء الكائنات
إذا تأملت في غذائك في كل أطوارك ، وغذاء جميع الكائنات من حيوان ونبات في كل أطوارها وجدت أن أصل الغذاء للإنسان والحيوان هو النبات ، ومصنع الغذاء في النبات هو ذلك المصنع الأخضر "البلاستيدة الخضراء" الذي يوجد في أوراق النباتات ويُنتِج غذاء الكائنات كلها دون ضجيج أو مخلفات تفسد البيئة. قال تعالى (وَهُوَ الَّذِي أَنْزَلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً فَأَخْرَجْنَا بِهِ نَبَاتَ كُلِّ شَيْءٍ فَأَخْرَجْنَا مِنْهُ خَضِراً نُخْرِجُ مِنْهُ حَبّاً مُتَرَاكِباً وَمِنَ النَّخْلِ مِنْ طَلْعِهَا قِنْوَانٌ دَانِيَةٌ وَجَنَّاتٍ مِنْ أَعْنَابٍ وَالزَّيْتُونَ وَالرُّمَّانَ مُشْتَبِهاً وَغَيْرَ مُتَشَابِهٍ انْظُرُوا إِلَى ثَمَرِهِ إِذَا أَثْمَرَ وَيَنْعِهِ إِنَّ فِي ذَلِكُمْ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ)(الأنعام:99) .
وبعد دراسة المصنع الأخضر مدة ثلاثة قرون أمَّل علماء الحياة ومهندسو القرن العشرين في أن يحاكوا عمل المصنع الأخضر في النبات لكنهم عجزوا عن ذلك لتميز الخلية النباتية ببنية دقيقة معقدة(1) ، ولما أودع الله فيها من قدرة على التجدد ولتعلق ذلك بسر الحياة الذي أودعه الله فيها وخفي على الباحثين !!
فتأمل أيها العاقل في توقف حياتك وحياة الكائنات جميعها على عمل هذا المصنع ونتاجه ، والذي لو توقف فلن ينجح علماء البشر بما لديهم من معامل وعلوم أن يصنعوا لأنفسهم ما يتغذون به فضلاً عن أن يصنعوه لغيرهم من الحيوانات والنباتات .
وإذا كان العلم البشري مع ما يملك من عبقريات ومصانع ومختبرات يقف عاجزاً فهل تفلح الصدف العشوائية الطبيعية في إنشاء وتنظيم وإدارة مصانع الرزق الوحيدة على وجه الأرض ؟!
أفلا يكفي ذلك كل عاقل ليعترف لربه الرزاق بنعمه ، ويشكره على ما حباه من أرزاق. وصدق الله القائل : (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ هَلْ مِنْ خَالِقٍ غَيْرُ اللَّهِ يَرْزُقُكُمْ مِنَ السَّمَاءِ وَالْأَرْضِ لا إِلَهَ إِلَّا هُوَ فَأَنَّى تُؤْفَكُونَ)(فاطر:3).
فأين تتجهون أيها المعاندون ؟ وبأي آيات الله تجحدون ؟
(2) (أَمَّنْ هَذَا الَّذِي يَرْزُقُكُمْ إِنْ أَمْسَكَ رِزْقَهُ بَلْ لَجُّوا فِي عُتُوٍّ وَنُفُورٍ)(الملك:21)
وانظر إلى طعامك أيها الإنسان .كيف صنعته المصانع الخضراء.(3)
وكيف سحب منها ليتجمع في سنابل الحب ، وعناقيد الفاكهة ، ودرنات الجذور ، وحبات الثمار المختلفة الألوان والمذاق ؟
(فَلْيَنْظُرِ الْأِنْسَانُ إِلَى طَعَامِهِ+أَنَّا صَبَبْنَا الْمَاءَ صَبّاً+ثُمَّ شَقَقْنَا الْأَرْضَ شَقّاً+فَأَنْبَتْنَا فِيهَا حَبّاً+وَعِنَباً وَقَضْباً+وَزَيْتُوناً وَنَخْلاً+وَحَدَائِقَ غُلْباً+مَتَاعاً لَكُمْ وَلِأَنْعَامِكُمْ)(عبس:29-32)
وتأمل كيف خُلِقَ لك جهازُ هضمٍ يحولها إلى المادة المطلوبة لغذاء خلايا جسمك !
وكيف امتصت تلك المواد الغذائية المفيدة من بين فرث الأمعاء !
وتأمل كيف حملها الدم إلى كل خلية في جسمك أفلا نشكر الرزاق ؟
أفلا نعبد الخلاق سبحانه ؟
آيات المنعم الحكيم سبحانه في بقاء النوع وتكاثـره
إن الذي قدّر للنبات دوره المهم في توفير الطعام للكائنات الحية وفي تنقية الهواء، وإمداد الإنسان بالملبس ، والوقود ، وإشاعة البهجة والسرور ، قد قدّر نظاماً محكماً بديعاً لضمان استمرار وجود النباتات لتؤدي وظيفتها على الأرض. ويتمثل هذا النظام في وسائل وطرائق التكاثر في النبات لتغطية النقص بسبب الاستهلاك الدائم لها وما قد تتعرض له من كوارث وسوء استعمال من قبل الإنسان. فجعل الباري سبحانه طرائق متعددة للتكاثر هي :
1) التكاثر الجنسي : خلق الله في النباتات أعضاء تذكير (المُتُك) تنتج حبوب اللقاح ، وأعضاء تأنيث (المبايض) تنتج البويضات ، لتنشأ الأجنة النباتية من التزاوج بين أعضاء التذكير والتأنيث قال تعالى : ( وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ)(الرعد:3-6) .
2) التكاثر الخضري (اللاجنسي) :
ويتم هذا النوع من التكاثر باستخـدام الأجـــزاء الخضريـة مـن النبات كالمدادات(4) والفسائل(5) والأبصال(6) والكورمات(7) والريزومات(
والدرنات(9) وهذه الأجزاء أعطاها الله القـدرة علـى تكويـن جذور عرضية وبراعـم
عنـد توافـر الظـروف البيئية الملائمة فتتكـون منها نباتات جديدة .
3) التكاثر بتعاقب الأجيال :
بعض النباتات منحها الله القدرة على التكاثر الجنسي واللاجنسي(10) ويتم التكاثر بأي منهما حسب الظروف المحيطة فيحصل على مميزاتهما معاً في تحقيق سرعة التكاثر باللاجنسي ، والتنوع الوراثي بالجنسي بما يمكنه من الانتشار ومسايرة تقلبات البيئة مثل كزبرة البئر التي تتكاثر بالجراثيم ثم بالأمشاج .(11)وقد نوع الحكيم العليم طرائق التكاثر هذه لبقاء أنواع النباتات تحت الظروف البيئية المختلفة لتوفير ما يحتاج الإنسان إليه على الدوام .